دور الوالدين في دعم تطور النمو العاطفي
الحب خط الدفاع الأول
إن التحول من الخوف إلى الحب هو نقلة نوعية في التربية لذلك من المهم أن تكون محاولتنا دائمة لإعلان محبتنا لأطفالنا من خلال السلوك ونتعلم الحب السلوكي، فجميعنا يحب أطفاله. في حين لو سألنا أطفالنا هل تشعرون بحبنا؟ قد تكون إجاباتهم مفاجئة لنا، لذا فشعور الأطفال بحب الوالدين هو الدعامة الأساسية لقبول الأطفال لذواتهم وتنمية قدراتهم، وهي الأرض الصلبة التي تتحمل صدمات المراهقة، ومن المهم أن نتأكد أن كلمة أحبك قد وصلت إليهم وأن عقولهم قد خزنت صورة ثابتة وهي أن أمي وأبي يحبونني ويتقبلونني ولن يتخلوا عني عندما أحتاج إليهم، ويترتب على هذه الخطوة تسهيل الاتصال مع الأطفال من خلال قضاء وقت نوعي خاص لكل منهم لا يرتبط بمهام والدية. مثل: اللعب أو الخروج معه في نزهة، وتبادل الأحاديث الخاصة - غير التوجيهيهة - معه. وإن هذه الخصوصية ستعطي الأطفال قوة في الارتباط بنا، وستكون رصيدًا عاطفيًا لديهم نستطيع أن نعتمد عليه عند تشكيل سلوكهم فالحب صمغ القيم.
البحث عن دوافع السلوك ومعالجتها
الحاجات هي دوافع السلوك والمحرك له فمثلًا إزعاج الأطفال المتكرر وراءه رغبة في لفت النظر وحاجة للاهتمام غير مشبعة، ولكن المبالغة في إشباع الحاجة له أثارًا سلبية فالطفل الذي تبالغ أسرته في الاهتمام به يعاني من صعوبة الاندماج في البيئة خارج أسرته؛ لأنه تعود على كمية اهتمام كبيرة فيتوقع هذا المقدار دائمًا في أي مكان وعندما لا يحصل عليه يختل توازنه فإما أن يكون منسحبًا أو مزعجًا، لذلك التوازن في إشباع الحاجات مهم للشخصية المتوازنة، واستخدام التشجيع والمديح الفعال بدلاً من إصدار الأحكام، لذا علينا النفخ في الإيجابيات وتغافل السلبيات لتزاحم الإيجابيات السلبيات ونجعل هدفنا القبض عليه متلبسًا بفعل حسن، ليتكون عند الطفل مفهوم إيجابي عن ذاته، كما نشجعه على التعبير عن مشاعره وأفكاره، وندربه على مهارات ضبط الذات مراعين خصائصه العمرية، ونوفر له فرصًا لتطوير علاقاته.
الحماية من فرط الحماية
نسعى في تربية أبناءنا إلى إحداث حالة توازن بين مراقبتنا لهم والاعتماد على أنفسهم في تحمل مسئوليتهم، دون أن يكون هناك رقابة صارمة على سلوك الأطفال، ولهذا فإن بعض الوالدين يقعون في مطب تربوي سلبي وهو شدة الانتباه إلى أبنائهم ومتابعتهم أينما حلوا أو رحلوا حتى لا يقعوا في مشكلة، وهم بذلك يمنعونهم من تعلم مهارات الحياة ويعطلون إمكانياتهم، ويحرمونهم فرص التعلم وهم بذلك يشبعون حاجاتهم للراحة مقابل إشباع حاجات الأبناء للتمكين والقوة.
الحماية من الإحساس بالذنب
من المهم أن نعلم أطفالنا أن الخطأ ليس عيبًا يجب أن نخفيه، ولكنه اجتهاد لم يصب به الإنسان، ولهذا فلابد من تشجيع الأطفال على مناقشة الأخطاء مع الكبار دون حرج أو وجل من معاقبة صارمة على ذلك الخطأ.
إن التعامل مع الأخطاء يتم من خلال قناعات بسيطة أولها أن الوقوع في الخطأ أمر طبيعي، فحدوث الأخطاء في مسيرة الحياة من طبيعة البشر فإن كان من طبيعة البشر فمن باب أولى أن يكون أقرب إلى الأطفال من غيرهم. وليعلم أطفالنا أن الأخطاء للتعلم والعمل من جديد، ومن القناعات تحمّل الآثار وأن لكل قرار آثار ولابد من تحمل تلك الآثار، فإن ترتب على هذا الخطأ أخذ حقوق الآخرين أو الإساءة لهم فلابد أن تعود لهم الحقوق أو الاعتذار لمن أخطأنا بحقه، وهذا هو أساس المسئولية التي نريد أن يعرفها أطفالنا منذ الصغر. ولكل مرحلة عمرية معالجة خاصة يقدرها المربي المتعامل مع تلك الحالات السلوكية. وكذلك علينا أن نقنع الأطفال أن الخطأ للتعلم وليس للتألم، فالاجتهادات في الحياة ليس فيها خطأ أو صواب وإنما لها أثارًا قد تكون إيجابية فنتمتع بها أو سلبية نتعلم منها. فحين نوجه اللوم الشديد للطفل قد ينسى الخطأ الذي وقع منه ويحتفظ بمشاعر الذنب داخله، وتراكم مشاعر الذنب ينتج إنسان منخفض التقدير لذاته.